mardi 20 octobre 2009

"التامك" كان محميا من طرف "الديستي" و"لادجيد"



Reda TAOUJNI
رضا الطاوجني رئيس "جمعية الصحراء المغربية" لـ "المشعل"
"التامك" كان محميا من طرف "الديستي" و"لادجيد"




سبق لرضا الطاوجني أن اتهم علي سالم التامك بتعامله مع المخابرات المغربية، قبل ارتمائه في أحضان المخابرات الجزائرية، استنادا إلى معلومات ومعطيات جمعها من مصادر وصفها بالموثوقة وجيدة الاطلاع من "قلب الدار"، كما عاين أكثر من مرة تردد عناصر "الديستي" على سجن سلا، حيث كان التامك معتقلا قصد الالتقاء به، وأسرت له جهات ذات صلة بـ "لادجيد" بطريقة حبية أن يترك التامك يقوم بمهمته دون شوشرة.
"المشعل" أجرت حوارا مع الطاوجني، لإجلاء بعض جوانب تداعيات تصرفات علي سالم التامك ومجموعته الأخيرة، وكانت الحصيلة كما يلي:


- كرئيس لـ "جمعية الصحراء المغربية"، كيف تُقيّم ما قام به علي سالم التامك ومجموعته؟
+ في الحقيقة إن ما يقوم به التامك، وما قام به منذ مدة، رفقة مجموعة من الانفصاليين المنعوتين بـ "بوليساريو الداخل" هو استفزاز مفضوح، لا يمكن السكوت عنه بأي حال من الأحوال.

- في نظرك، هل تحركات هؤلاء وغيرهم من الانفصاليين تسيء للمغرب؟
+ طبعا إن علي سالم التامك ومجموعته، وكل من يسير على دربهم يسيء للوطن وللمغاربة. إنهم يتعاونون في واضحة النهار وعلى مرأى الجميع مع الدولة الجزائرية. وتعاونهم المبيت هذا أضحى الآن تعاونا "رسميا"، حيث بدؤوا في طور "شرعنته" تحت مظلة حقوق الإنسان وحرية التعبير، للمزيد من إحراج المغرب وافتعال مشاكل جانبية من شأنها أن تحجب أحيانا جوهر القضية. إن هؤلاء وغيرهم لا يخفون هذا التعاون الوقح مع الجزائر التي لا تتستر بدورها عن أهدافها المتمحورة حول ضرب استقرار المغرب والنيل منه ليفسح لها المجال في الريادة بالمنطقة.

- هناك من أضحى يعتبر أن "الوحدة الترابية" ليست من الخطوط الحمراء فحسب، وإنما من المقدسات، وكل من مسّ بها وجبت محاكمته بالخيانة العظمى، ما قولك بهذا الخصوص؟
+ فعلا، الوحدة الترابية من المقدسات في الفترة الحالية التي تجتازها بلادنا. فالمغرب، حكومة وشعبا، ضحى كثيرا وأدى الثمن غالبا، إن على المستوى البشري أو المستوى المادي والمعنوي، من أجل استكمال وحدته الترابية، لكنه موازاة مع ذلك، أخذ على عاتقه السير على درب الديمقراطية التي تستوجب الإقرار بحقوق الإنسان واحترامها وحمايتها وصيانتها، ومنها حرية التعبير، لكن عندما تصبح مصالح الوطن العليا مهددة، كما هو الحال في نازلة علي سالم التامك ومن معه من الانفصاليين الذين يعتبرون عملاء بلد أجنبي، وجب التدخل بصرامة، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها قصد التصدي للخونة وتقديمهم إلى العدالة من أجل محاكمتهم. وهذا أمر عادي وطبيعي في جميع الدول.

- هناك من يقول إن علي سالم التامك ومجموعته ممولون من طرف الجزائر والبوليساريو، فما قولك أنت؟
+ ما يجب معرفته هو أن جبهة البوليساريو، ما هي إلا مجرد أداة طيعة بين يدي الجزائر لتكريس مخططها العدائي والتوسعي ضد بلادنا على أرض الواقع وبالوكالة. وعلي سالم التامك وأصدقاؤه لا يسترون تعاونهم مع الجزائر ولا يخفونه، ومن الطبيعي أن تكون هذه الأخيرة سخية معهم ماداموا يخدمون مخططاتها.

- ماذا يمثل علي سالم التامك بالنسبة للجزائر والبوليساريو، وبالنسبة للمغرب؟
+ بالنسبة للجزائر وجبهة البوليساريو، يمثل التامك و"بوليساريو الداخل" عموما ورقة مرحلية ضد المغرب، وعندما ستصبح هذه الورقة بدون فائدة وجدوى ضمن قواعد اللعبة سيتم التخلي عنها، هذا كل ما في الأمر. أما بالنسبة للمغرب، فإن علي سالم التامك، كان بالأمس القريب، متعاونا نجيبا ومجتهدا مع الاستخبارات المغربية قبل أن تتوتر العلاقة بين الطرفين، لأن المتعاون النجيب أصبح جشعا ومصدر إزعاج كبير، فتم التخلي عن تعاونه وخدماته، وهذا أمر يعرفه الكثيرون منذ مدة.

- هل ثمة علاقة بين مجموعة علي سالم التامك والمخابرات المغربية؟
+ حسب علمي إن العلاقة بين هذه المجموعة والمخابرات المغربية عرفت توترات قوية خلال الشهور الأخيرة، قبل انقطاع الخيط بينهما.

- هل كان علي سالم التامك يتعاون فعلا مع المخابرات المغربية؟
+ إنه ليس رأيي الشخصي فقط، لكن يمكنني أن أدلي ببرهان مادي في هذا الصدد. عندما كان التامك معتقلا سنة 2002 بالمركب السجني بمدينة سلا، عملت مصالح "الديستي" في عهد العنيكري على جلبه، وقد صنعت منه نموذجا لانفصاليي الداخل، آنذاك كان الوحيد الذي يدلي بتصريحات ويجري حوارات عبر وسائل الإعلام المغربية. وقد أُريد من وراء هذا التصرف إظهار مساحة حرية والتعبير والرأي المتاحة بالمغرب، لدرجة السماح للانفصاليين بالتحرك بكل حرية كما يحلو لهم. لكن التامك شكل شركا وفخا بالنسبة للكثير من الشباب "الانفصاليين" أو الموالين لهم، وبذلك تمكّن التامك من التعرف على مخططاتهم ومشاريعهم، وكل هذا كان يصل، بشكل أو بآخر إلى رجال الجنرال حميدو لعنيكري عندما كان قائما على "الديستي" ثم الأمن الوطني. لكن لا يجب نسيان، أن علي سالم التامك كان يدلي أيضا بمعلومات خاطئة أو مغلوطة لإظهار أنه عميل نجيب ومجتهد، الشيء الذي أدى إلى قذف العديد من الشباب الأبرياء في جحيم الاستنطاقات بمخافر الشرطة، في ظروف قاسية وهمجية أحيانا. وربما يكون بعضهم قد قذف به إلى السجن ظلما وعدوانا، ارتكازا على معلومات مغلوطة كان وراءها علي سالم التامك.
وفي السنوات الأخيرة تعاون مع "لادجيد" إلى حدود شهر مارس من هذه السنة (2009)، إذ قُطعت العلاقة به نظرا لجشعه ووفرة طلباته، فاختار الارتماء، روحا وجسدا، في أحضان المخابرات الجزائرية.

- كيف تمكنت جمعية الصحراء المغربية من فضح علي سالم التامك ومجموعته؟
+ لقد عملنا على هذا الملف منذ سنوات، واكتشفنا بعض حيثياته عندما كان علي سالم التامك معتقلا بالمركب السجني سلا ("الزاكي")، آنذاك توفرت لدينا معطيات، وقد لاحظنا أن عناصر من "الديستي" كانوا يزورنه بالسجن، وعلمنا بعد ذلك، من مصدر موثوق من قلب الدار، أنه استفاد من راتب شهري يبلغ 4500 درهم إضافة إلى امتيازات أخرى. وفي سنة 2008، عندما كنا نتصدى لهذا الشخص (علي سالم التامك) الذي نعتبره خائنا، كانت مفاجأتنا كبيرة عندما أسرّ لنا بعض عناصر "لادجيد" بتركه يقوم بمهمته.

- هل تتابع جمعية الصحراء المغربية تحركات الانفصاليين بالداخل والخارج؟ كيف؟ ولماذا؟
+ من الطبيعي جد أن تعمل جمعيتنا على تتبع حركات وسكنات الانفصاليين، سواء بالداخل أو بالخارج، لتتمكن من التصدي لهم، وهو ما يقومون به هم أيضا. ألسنا في حرب أكثر ضراوة من حرب الميدان الواضحة المعالم؟

- هل قدّم علي سالم التامك خدمات للمخابرات؟
+ لقد قيل لي في لقاءات عابرة وحبية مع بعض عناصر "لادجيد" إنّه قدم خدمات "جليلة"، مكنت المخابرات من اختراق بعض الأوساط الانفصالية.

- هناك من يقول إن جهة رسمية هي التي أوحت إلى جمعية الصحراء المغربية، بالمطالبة بمحاكمة علي سالم التامك ومجموعته، بتهمة الخيانة؟
+ قطعا لا، إنه مجرد افتراء، لقد طالبنا بهذا الأمر منذ سنوات، لكن علي سالم التامك كان محميا وقتئذ من طرف "الديستي" وبعدها من طرف "لادجيد".



- حسب الكثيرين يشكل "بوليساريو الداخل" طابورا خامسا، كيف يجب التصدي لهذا الوضع في نظرك، إن صح هذا الأمر؟
+ أعتقد أن وجود انفصاليي الداخل بين ظهرانينا أمر إيجابي بالنسبة للمغرب وبالنسبة لديمقراطيته، شريطة أن لا تربطهم أية علاقة بالجزائر أو بجبهة البوليساريو أو أي بلد أجنبي يكّن العداء لبلادنا. يمكنهم التعبير عن آرائهم ومواقفهم وأفكارهم الانفصالية في ظل احترام القوانين الجاري بها العمل في المغرب. لكن موازاة مع هذا يجب أن تتوفر بلادنا على مجتمع مدني "وحدوي" نشيط وفاعل حتى يظهر للجميع أن الانفصاليين لا يمثلون إلا أقلية لا تكاد تبين، وهذا أمر فشلت فيه الدولة فشلا ذريعا ولم تتمكن من تحقيقه حتى الآن.

- كيف تقيم وتقرأ تزامن اجتماع اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة مع تحركات علي سالم التامك ومجموعته؟
+ لا يجب أن يخفى علينا أن الجزائر تتوفر على أجندة دقيقة، قصيرة المدى، هدفها استفزاز المغرب، ووسيلة تفعيلها هم عناصر ما يسمى "بوليساريو الداخل" (انفصاليي الداخل)، لذا فمن الطبيعي جدا توقع ما يقومون به، بل إنه أمر منتظر، وإذا كان المسؤولون يعتبرونه مفاجأة أو أمرا غير منتظر، فهذا خطأ كبير ينم عن عدم تتبع الأحداث وتداعياتها على أرض الواقع.

- لكن، هل هذه التحركات من شأنها التأثير على مجرى المفاوضات؟
+ بإيجاز شديد، يمكن تلخيص مشروع الجزائر فيما يلي: لقد انقضّت الجزائر على الفرصة المتاحة لها، والمتمثلة في اختيار المغرب للديمقراطية مهما كان الأمر، واستغلت الظروف لإنشاء شبكة من انفصاليي الداخل، وحاولت تقويتهم على الصعيد الدولي عبر شبكات الدعاية التي تطلبت ملايين الدولارات، كما عملت على تشجيع حدوث تصادمات ومواجهات بين قوات حفظ الأمن وانفصاليي الداخل بالأقاليم الصحراوية، بغية أن تظهر بعض تجليات قمعهم لاستغلال الأمر في المنتديات والمؤسسات الدولية، سعيا وراء توسيع صلاحيات بعثة "المينورسو" وإقحامها في قضايا حقوق الإنسان من جهة، ومن جهة أخرى دفع انفصاليي الداخل إلى الانتفاضة تحت ستار مظاهرات سلمية للتعبير عن الرأي حتى تعم الفوضى ويصعب التحكم في الوضع؛ هذا ما تبينه أجندة الجزائر، وذلك أيضا هو مشروعها على المدى القصير حاليا.
لكن الحمد لله، لقد ظل هذا المخطط على الأوراق فقط، وبالمناسبة أقول إنه خلال الأسابيع القليلة المقبلة سيكون تحرك المجتمع المدني قويا على مستوى الدفاع عن مغربية الصحراء.

- نعم، ولكن كيف تُقيّم وضع المغرب في اللجنة الرابعة حاليا؟
+ في الواقع أنا مرتاح بهذا الخصوص على المستوى الديبلوماسي وأثق بالمجهودات المبذولة إلى حد الآن، لكن مشكلة المغرب في هذا المضمار تكمن في سلبية مجتمعنا المدني (الأحزاب السياسية ـ المركزيات النقابية ـ الجمعيات...) والتي تجعله غير فاعل وغير مساير وغير حاضر على أرض الواقع بنفس القوة والهالة التي يتحرك بها الانفصاليون بتوجيه وتدبير جزائريين.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire