vendredi 11 décembre 2009

الدولة المغربية تحاصر الحقوق بدعوى الحفاظ على الثوابت والمقدسات


عبد الحميد أمين/ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
الدولة المغربية تحاصر الحقوق بدعوى الحفاظ على الثوابت والمقدسات



يرى "عبد الحميد أمين" القيادي بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن الدولة الرجعية هي من تعادي الحريات وتسعى إلى تقليصها بافتعال تناقضات بين ممارسة الحريات، وما يسمى بالحفاظ على الثوابت والمقدسات. مشيرا في السياق ذاته إلى أن أعضاء حركة "مالي" أصحاب فكرة، وليسوا مجرد أشخاص يريدون أكل رمضان، ومن ثم فإن جمعيته ستؤازرهم في حالة المتابعة القضائية.


- عرف المغرب في عقده الأخير مجموعة من المظاهر أثارت زوبعة في أوساط رأيه العام الوطني والدولي أيضا، بدءا بما سمي بـ"عبدة الشيطان"، مرورا بـ"زواج الشواذ"، وصولا إلى ما أصبح يسمى بـ"وكالين رمضان"، وقد تفاعلت الدولة المغربية مع هذه الملفات على المقاسات التي تخدم جهات معينة. ما هو تقييمكم لمفهوم الحرية في ارتباطها بما سبقت الإشارة إليه؟

+ إن الحرية هي إحدى القيم الأساسية لحقوق الإنسان، وانطلاقا من هذه القيمة تمت بلورة الحريات الملموسة والتي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، منها حريات (الرأي ـ التعبير ـ العقيدة وتغيير الديانة أو الجنسية وغيرها...) والتي تدخل ضمن خانة الحريات الفردية، وأيضا حريات (التظاهر والتجمع والتنظيم وغيرها..) التي تعتبر حريات عامة، وإذا كان دور الدولة الديمقراطية هو ضمان احترام الحريات، فإن الدولة الرجعية تعادي الحريات وتسعى إلى تقليصها، وافتعال تناقضات بين ممارسة الحريات وما يسمى بالحفاظ على الثوابت والمقدسات.


- ما هو الموقف المحدد للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تجاه مجموعة ما سمي بـ"وكالين رمضان"، هل هي مع حرية الفرد في إعلان الجهر بإفطاره، أم العكس ؟

+ اعتقد أن العنوان المناسب لهذه المجموعة، ليس هو ما سمي بـ "وكالين رمضان"، إنما هو "الحركة البديلة من أجل الدفاع عن الحريات الفردية" أي ما يسمى اختصارا بحركة "مالي"، لأن الأساسي بالنسبة لهذه المجموعة ليس هو أكل رمضان، إنما الدفاع عن الحق في احترام "غير الصائمين"، والاعتراف بهذا الحق من طرف المجتمع، عبر إلغاء الفصل (222) في القانون الجنائي المغربي، الذي يجرم الأكل علانية في رمضان بالنسبة للمسلمين. إذن فأعضاء هذه الحركة هم أصحاب فكرة وليسوا مجرد أشخاص يريدون أكل رمضان. أما "وكالين رمضان" في المغرب فعددهم أكبر بكثير من أفراد حركة "مالي"، لكنهم لا يعلنون ذلك لأنهم يخافون المضايقات التي قد تطالهم جراء هذا الإعلان، مما يعني أن جل "وكالين رمضان" غير مستعدين للدخول في مواجهة مع الدولة ومع القيم السائدة في المجتمع.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عبرت بشكل أولي، من خلال بيان أصدره المكتب المركزي يوم 17 شتنبر الجاري، عن استعدادها لمؤازرة أعضاء حركة "مالي" في حالة المتابعة القضائية. لأن الجمعية تدافع دون تردد عن الحريات الفردية الواردة في المواثيق الدولية الإنسانية، ومن ضمنها حرية العقيدة والتي تهمنا في هذا الملف وانطلاقا من مرجعيتنا الحقوقية الكونية، وأيضا من التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان، نطالب بملاءمة كافة القوانين المغربية، وفي مقدمتها الدستور مع المواثيق الدولية، ونطالب أيضا بإلغاء الفصل (222) من القانون الجنائي المغربي لتعارضه مع حقوق الإنسان الكونية وأيضا مع التزامات المغرب في المجال الحقوقي.


- ما هي في نظركم الحدود الفاصلة بين الحرية الفردية والحريات الجماعية؟

+ الحريات الفردية والجماعية تعد من المكونات الأساسية لحقوق الإنسان، سواء تعلق الأمر بحرية الرأي والتعبير والعقيدة وغيرها من الحريات الفردية، أو بالحريات العامة والحقوق الجماعية الأخرى كالحق في التجمع والتظاهر والتنظيمات السياسية والثقافية والجمعوية، وحق تقرير المصير بالنسبة للشعوب، فهذه الحقوق تعتبر متكاملة وليست متناقضة،وإن ممارسة الحريات الفردية أو الجماعية لا تجد حدودها إلا في حق الآخرين، في ممارسة حرياتهم الفردية والجماعية.


أسبوعية المشعل

المغرب يعيد إنتاج نفس الآليات التي أدت إلى تعثرات 40 سنة خلت


محمد مجاهد الأمين العام لـ "لحزب الاشتراكي الموحد"
المغرب يعيد إنتاج نفس الآليات التي أدت إلى تعثرات 40 سنة خلت

- أصدر المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد بيانا ناريا، تناول فيه مجموعة من القضايا الشائكة، وانتقد من خلاله السلطة الحاكمة بالبلاد، متهما إياها بإقفال الحقل السياسي في شتى المجالات. ما دواعي صدور هذا البلاغ في الظرف الراهن؟

+ في سياق مواقف الحزب التي نشرها بعد سنة 2007، يبقى هذا البيان عاديا. إذ مباشرة بعد هذه السنة، تبين بالملموس أن المغرب دخل مرحلة جديدة، تطبعها سمة التراجع، وكذا إغلاق الحقل السياسي وتحكم الدولة في مجالاته، بالإضافة إلى إعادة إنتاج نفس الآليات التي أدت إلى تعثرات خلال أربعين سنة خلت، إذن فالبيان جاء ليؤكد المواقف السابقة للحزب.


- من خلال هذه المواقف، ما السبيل في نظركم لتجاوز هذه المعيقات؟

+ تجب الإشارة إلى أن هذا الوضع لم يفرز بين عشية وضحاها، فهو نتاج لمنحى تراجعي ابتدأ منذ أواسط التسعينيات، حيث أخذ آنذاك يدعم موازين القوى رويدا رويدا، لصالح القوى المحافظة، وكذا القوى التقليدية، ثم مس هذا التراجع، سيما بعد سنة 2007، القوى اليسارية والديمقراطية، كما يمكن القول إنه بعد هذه السنة دخلت أحزاب اليسار بشكل عام في مرحلة الأزمة، وبالتالي فالسبيل للخروج من هذا الوضع يتطلب إعادة بناء اليسار المغربي على أساس تصور مشترك وكذا أرضية مشتركة، فنحن أمام وضع جديد، يستدعي بالضرورة إعادة تشكيل وبناء اليسار المغربي.


- اتهمتم خلال البيان انحياز الدولة لحزب "الأصالة والمعاصرة" بنفوذها وآلياتها، على أي أساس بنيتم هذا الطرح؟

+ لقد قلنا ذلك مباشرة بعد سنة 2007 حيث أشرنا إلى أن المولود الجديد مدعوم من طرف الدولة، ويساهم في سياق تراجعي، لذلك فإن البيان الأخير يسير على نفس روية الحزب.
- هل تعتقدون بأن اليسار المغربي سينبعث من جديد بعد هذا الركود؟
+ بالطبع.. لدينا أمل في ذلك، كما أنه ليس هناك خيار آخر، لأن اليسار هو الذي يعبر عن مصالح الفئات والطبقات الشعبية الواسعة التي تعيش أوضاعا صعبة، ثم إن اليسار المغربي يتوفر على رصيد كبير، وكل ما في الأمر أن رصيده أخذ يضعف تدريجيا منذ أواسط التسعينيات، لذلك يجب إعادة الاعتبار لهذا الرصيد، وإذا ما لم يتدارك اليسار هذا الوضع فالأمر سيكون أكثر تعقيدا.

jeudi 10 décembre 2009

خروقات بالجملة داخل السجون المغربية


2007 / 3 / 10

الأستاذ عبد الرحيم عميمي/ محام مساعد قانوني للمرصد المغربي للسجون
خروقات بالجملة داخل السجون المغربية

تعرف السجون المغربية الكثير من الاحتجاجات نتيجة المعاملات السيئة لنزلائها، كيف تقيمون هذا الوضع؟

المرصد المغربي للسجون، أصدر تقريره السنوي 2005، والذي ضمنه عددا من الخروقات التي تطال السجناء وتدفعهم إلى الاحتجاج الشبه اليومي الذي يتفاوت من سجن لآخر، إلا أن القاسم المشترك بينها هو التعذيب، (الكاشو) وإتلاف الأمتعة والتهديد بالانتقال، أو الحرمان من وسائل الإعلام، إضافة إلى تحريض السجناء على سجين معين، الحرمان من العلاج، وخروقات أخرى مترتبة على حكم الإعدام، والحرمان من الزيارة ومن الدراسة، الفسحة، التغذية، تناول المخدرات، أو البعد عن العائلة، ويمكن وضع عنوان كبير يساعد على تنامي هذه المشاكل ويعود إلى الاكتظاظ والميزانية الضعيفة المخصصة لإدارة السجون، وتجاوزات بعض الحراس.
إن سنة 2005 عرفت عددا من الوفايات منها ما هو طبيعي ومن كان نتيجة إهمال...

ما هي أوجه الاختلاف داخل السجون المغربية بين فترة حكم الحسن الثاني وفترة العهد الجديد؟

إن الفرق بين الفترتين، هو الفرق بين أيام الرصاص أو ما اصطلح عليه بسنوات الجمر، وما نعيشه حاليا من انفتاح نسبي في هذا المجال، فالفصل 84 من قانون 98/23، يعطي الحق للجمعيات زيارة السجون، مع ترك الترخيص للإدارة المركزية لإدارة السجون أو وزير العدل، وإن هذا الأمر مناقض كليا لأيام الرصاص، التي كانت السجون تؤدي وظيفة قمعية يتعرض فيها المعتقلون إلى التعذيب والتنكيل امتداد لما كانوا يتعرضون له داخل المخافر، حاليا السجن بالرغم من بعض التجاوزات أصبح مفتوحا، يمكن للسجين من داخله الاتصال بعائلته عبر الهاتف أو الرسائل والكل مراقب، والجديد هو أن السجناء يراسلون الجرائد أو المرصد المغربي للسجون أو الجمعيات الحقوقية بطرقهم الخاصة، وقد خرج السجن من عهد الانغلاق المطبق إلى الانفتاح النسبي.

في أي خانة يمكن تصنيف إقرار حقوق الإنسان داخل السجون المغربية؟

إن إقرار حقوق الإنسان داخل السجون المغربية، رهين بإقرارها داخل الوطن، بالشكل المتعارف عليه عالميا، وهذا يتطلب مجهودات جبارة، ترتبط في المقام الأول بتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي طالب بها المجتمع المدني مجسدا في المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف وحلفائه، كالجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، لأن عدم تطبيق هذه التوصيات، من شأنه عرقلة الانتقال الديمقراطي الذي ينشده الجميع في أفق دولة الحق والقانون.

ما هو موقف المرصد المغربي للسجون في ظل الوضعية الحالية للمؤسسات السجنية بالمغرب؟

موقف المرصد المغربي للسجون في ظل الوضعية الحالية حدده في التقرير السنوي 2005، الذي بين بشكل ملموس استمراريته في إسماع صوت معاناة الآلاف من ساكنة المؤسسات السجنية رغم كل الصعاب الذاتية والموضوعية لجمعية رسالتها خدمة أهدافه المسطرة في

- رصد أوضاع السجون ومدى ملاءمة القوانين الداخلية للمواثيق الدولة وخاصة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.
- ضمان حقوق نزلاء السجون المغربية ومراكز إعادة التربية دون تميز أو استثناء وحمايتهم من كل تعسف أو إجراء غير قانوني، قد يتعرضون له بمناسبة اعتقالهم غير الحرمان من الحرية.
- الحرص على تطبيق التشجيع المغربي المتعلق بالسجون والعمل على تطويره في أفق وضع تنفيذ العقوبة تحت مراقبة القضاء والعمل بأسلوب العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية.
- المساهمة مع الجمعيات الحقوقية لتأهيل السجناء ورعايتهم من أجل إعادة الإدماج بعد مغادرة السجن مع المطالبة بإحداث مراكز لاستقبالهم وتوجيههم.
- الحث على التكوين المستمر لموظفي إدارة السجون في مجال حقوق الإنسان وقواعد معاملة السجناء والتربية على حقوق الإنسان.
- مناهضة عقوبة الإعدام والمطالبة بإلغائها من القانون الجنائي المغربي.

وأن عمل المرصد يهدف إضافة إلى ذلك وبشكل عملي إلى :

- تكثيف الدعم والمساندة للدور التربوي والإصلاحي المفروض في المؤسسات السجنية وذلك من خلال الإسهام في الحقول التربوية والثقافة والرياضية والفنية داخل الفضاء السجني وحرية الاتصال بالعالم الخارجي بدون قيود.

- تكثيف الاهتمام من طرف المنظمات غير الحكومية التي تشتغل في المجال الصحي بالوضعية الصحية داخل السجون بتنشيط البرامج الوقائية وبحث أساليب الدعم والمساندة، ولنا اقتراحات عملية مع بعض الأطباء للمساهمة في هذا العمل الإنساني وننتظر الترخيص.

- تأكيدنا على إلغاء عقوبة الإعدام في إطار التحالف الوطني والدولي المناهض لعقوبة الإعدام.
- إصلاح المنظومة الجنائية، وتعديل بعض البنود التي تتطلب التغيير في قانون السجون.
- إعطاء دور أساسي لمؤسسة قاضي تنفيذ العقوبة، والعمل على تبني العقوبات البديلة وتفعيل لجان المراقبة المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية الفصلين 620 – 621 والتأكيد على محاكمات عادلة والتأكيد على الغاية المتوخاة من العقوبات

أسبوعية المشعل المغربية

لم يكن أغلبية اليهود يتصورون مستقبلهم في مكان آخر غير وطنهم المغرب



imon Levy à gauche (2006)

شمعون ليفي/ مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي
لم يكن أغلبية اليهود يتصورون مستقبلهم في مكان آخر غير وطنهم المغرب


شمعون ليفي في لقاء مفتوح مع "المشعل"، عن حقيقة الهوية المغربية التي لا يمكن إلا أن تكون هوية متعددة المكونات في إطار إنتماء وطني واحد، مميزا بذلك بين الصهيونية والانتساب لليهود، حيث تقدم بتوضيحات حول الانتماء للوطن والهوية، وعن دور اليهود المغاربة في صناعة جزء من التاريخ الاقتصادي والسياسي للمغرب إضافة إلى مواقف بعض مكوناته السياسية.

ما هو دور اليهود المغاربة في صنع القرار السياسي؟

اليهود المغاربة مثلهم مثل باقي المواطنين، يتفاعلون مع الواقع السياسي والقرارات السياسية مثل باقي المواطنين، فلا أرى ضرورة لطرح سؤال خاص باليهود المغاربة بهذا الخصوص، صحيح أن لليهود مقامات عباداتهم وبعض المؤسسات الخيرية الخاصة بهم، وهذا كله تحت إشراف لجنة الجماعات للطائفة اليهودية بالمغرب، وهي أمور تخص الجانب الديني والاجتماعي للطائفة، فالدولة من تقوم عبر وزارة الداخلية بالوصاية القانونية عن المجلس، وقد يستشار المجلس أحيانا في بعض القضايا السياسية مثل قضية الصحراء، كما أنه يتقدم أحيانا ببعض المطالب التي قد يستجاب لها وقد لا يستجاب؛ أعتقد أن المهم هو وجود اليهود ضمن الثقافة المغربية المتعددة.
إن اليهود المغاربة الذين هم ورثة وجود قديم بالمغرب امتد على مدى 20 قرنا، يتقاسمون مع باقي المغاربة لغات التداول والتاريخ والاقتصاد والتقاليد والثقافة المشتركة، وهم يحتفظون مع ذلك بخصوصية دينية وثقافية بالمعنى العام للكلمتين.
قدم اليهود المغاربة مساهمة في ميادين الاقتصاد الدولي والتجارة المحلية المتنقلة عبر المناطق القروية والصناعة التقليدية "المعادن الثمينة والحدادة والألبسة ومهن الخشب والجلد... " وفي الثقافة الموسيقية " الأندلسي والغرناطي والملحون والأدب ".
لقد كتب الأدباء اليهود انتاجاتهم الفكرية بالعبرية طبعا، ولكن أيضا باللغة العربية الفصحى " حتى القرنين 13 و 14 " ثم بالعربية الدارجة حتى سنوات الثمانينات، وفي سياق هذا الحديث، يجب التأكيد على أهمية مساهمة الأحبار والأدباء اليهود المغاربة في الإرث العبري المكتوب، المخطوط منه و المطبوع، سواء على مستوى الكم أو الكيف "في القانون و الشعر و التفسير الديني"، وقد كانت لهم أيضا مساهمات مهمة في نفس المجالات بالدارجة المغربية "في ترجمة وشرح التوراة و التاريخ و التربية الدينية..." بل إن هؤلاء الكتاب قد تركوا نصوصا باللغة الأمازيغية كذلك كنصوص دينية مترجمة.
أما اللغة الإسبانية أو بالأحرى لهجتها المحلية "الحاكيتية" فقد استعملت أيضا في إنتاج مخطوطات، خصوصا عند الجماعات اليهودية لمدن تطوان و طنجة و أصيلا والعرائش و القصر الكبير و الشاون.
و في مرحلة متأخرة من هذه السلسلة دخلت المؤسسات التعليمية التي كونتها الرابطة الإسرائيلية العالمية ابتداء من 1862، وقد سمحت ممارسة هذه اللغة لليهود المغاربة في بدايات القرن العشرين من تطوير عدد من المهن مثل صناعة الطباعة و التجارة العصرية.

كيف تفسر كون رئيس مجلس جماعات الطائفة اليهودية سفير متجول بالنسبة للمغرب؟

لأن السلطان ربما أراد إرضاءه بعدما حاول إسناد هذا الأمر إلى البعض قبله فلم يستفد منهم شيئا، وربما لأنه رأى في ذلك مصلحة للبلد، وهنا لا يمكن أن أجزم إن كانت المسألة تتعلق بمؤهلاته فقط، أو مؤهلاته إضافة إلى شيء آخر، ومع ذلك أظن أن الأهم هو التعامل معه كمواطن مغربي، وهنا لابد أن نميز بين الوطنية والدين وإلا سنسقط في انزلاقات شهدها التاريخ.
كانت الهوية الوطنية شيئا غامضا في مغرب ما قبل 1912 فقد كانت تختلط بالهوية الدينية،
سياسيا كانت الهوية المغربية تلبس لباس الدين الإسلامي وكانت القبيلة قوية الحضور ، وشكل هذا هيكلا صلبا لمقاومة المستعمرين بين 1920 و 1930.
لكن كان اليهود كذلك جزءا من الأمة، بالنظر إلى التاريخ والجغرافية كقاعدة للإجابة ، وليس إلى المنطق الديني، والحركة الوطنية عبر أول حزب وطني مغربي ( كتلة العمل المغربي ) هي التي حسمت الأمر إبان تأسيسها في 1934 ، إذ التزم هذا الحزب بأن الأمة المغربية متعددة الديانات مفرقا بذلك بين الجنسية والدين في مشروعه الوطني العصري.
حدث هذا في الوقت الذي كانت فيه الشبيبة اليهودية العصرية تبحث عن مستقبلها في مواجهة الواقع الذي فرضه الاستعمار، وقد كان قوام هذا الواقع التحديث الاقتصادي لولا الأزمة الكارثية لسنوات الثلاثينات إضافة إلى تخريب النظام الاقتصادي التقليدي . وقد كان جو احتقار وكراهية اليهود متفشيا في أوساط المعمرين، فتقوت هذه العنصرية تحت تأثير الحركات الفاشية الفرنسية مع هزيمة فرنسا في 1940 ، حيث ازدهرت السياسة الفاشية الفرنسية مع المارشال بيتان (الذي حكم فرنسا تحت حماية ألمانيا النازية)، الذي سرعان ما وضع بعد ذلك ما يسمى "بقانون اليهود" والذي جعلهم في مرتبة دون الإنسان على غرار ما كان معمولا به في أوربا ، مثل طرد التلاميذ اليهود من المدارس الرسمية ومنعهم من السكن في بعض الأحياء ، وفي سنة 1942 ، ألزمت إدارة الحماية اليهود بالتصريح بممتلكاتهم .... ومن المعروف أن هذا الإجراء كان يسبق في أوربا عملية التهجير إلى معسكرات الموت ومعسكرات النازية للإبادة إلا انه ومع نزول قوات الحلفاء بالمغرب في 8 نونبر 1942 ، تم إخفاق مشاريع حكومة بيتان في بلادنا .
ولن يوقف العمل بالقوانين البغيضة التي أرساها هذا النظام إلا بعد وصول جيوش الحلفاء.
المهم، أعتقد أن كل هذه الاعتبارات لا تتحكم في التعامل مع المواطنين المغاربة كيفما كان دينهم أو عرقهم، فكما لهم جميع الحقوق عليهم جميع الواجبات، كذلك اختيار الأشخاص في بعض المراكز والمهام لا يخضع إلا لمصلحة الوطن.

هل يراهن المغرب على علاقات بعض اليهود الدولية والأمريكية؟

من طبيعة الحال، المغرب ليس بلدا منعزلا في المريخ، إنما هو جزء من الكرة الأرضية بمشاكلها وعلاقاتها وكذا توازناتها، فإن كان الشخص قد يسهل بعض العلاقات فهذا جيد بالنسبة للبلد، هل لك اعتراض عن هذا؟

ليس لي اعتراض، لكن دور اليهود على المستوى الخارجي ألا يعطيهم القوة للمطالبة بامتيازات أو أشياء أخرى داخليا؟

ليس لليهود بالمغرب بما يطالبون، هم يعيشون واقعهم إلى حد كبير ككل المغاربة، بينهم الفقير كما بينهم الغني، ولا أرى في ذلك خروجا عن واقع المجتمع المغربي وحقيقته، ولتأكيد ذلك لابد أن اليهود المغاربة وجدوا أنفسهم تحت ضغط عمل الحركة الصهيونية العالمية التي كانت تقدم الرحيل إلى إسرائيل كأفق وحيد للإنقاذ، وكحل اقتصادي لبؤس الجزء الأكثر فقرا من 270.000 يهودي مغربي، حيث هاجر حوالي 90.000 شخصا ما بين 1948 و 1956 .
لكن مع ذلك كان هناك أفق آخر أمام اليهود المغاربة وهو أفق النضال الوطني من أجل استقلال المغرب، فقام جزء من الطلبة والنقابيين والمدرسين اليهود بالاصطفاف إلى جانب الأحزاب الوطنية، "الحزب الشيوعي المغربي وحزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال"
لكن يجب التأكيد هنا على الدور السلبي الذي لعبه الصراع العربي الإسرائيلي في الشرق الأوسط على الأوضاع ، مما أدى إلى وقوع أحداث دامية ومعادية لليهود ، مثل تلك التي عرفتها وجدة وجرادة سنة 1948 ، والتي سقط فيها عدد من الضحايا، وقد استغلت السلطات الاستعمارية هذه الأحداث الدامية للقضاء على نقابات المناجم واعتقال مسئوليها.
ثم جاء الاستقلال الذي سوف يمنح المواطنة الكاملة لليهود ، وذلك مع أول خطاب ألقاه محمد الخامس بعد رجوعه من المنفى . قبل سنة 1956 ، كانت تهاجر إلى إسرائيل الفئات الأكثر فقرا من اليهود : منهم ضعفاء عاديين، وكذلك ضعفاء جدد كانوا ضحايا بشكل أو بآخر للتغيرات الاقتصادية التي أحدثها الاستعمار، مثلا هناك بعض الحرف التي اضمحلت نهائيا مثل الصرافة ، وبعض التجار المتنقلين في أسواق البوادي ... الخ
وقد استطاعت بعض الأنشطة الاقتصادية التقليدية مواصلة جزء من نشاطها بفعل الحرب وانعدام استيراد المنتجات الصناعية من أوروبا.
لهذا فان عودة السلم كانت تعني بالنسبة لهذه الفئات العودة إلى الأزمة الخانقة التي عرفها الاقتصاد التقليدي قبل الحرب ، وهي أزمة لم يكن لها من مخرج في ميدان الاقتصاد ونقل البضائع والتجارة الصغيرة سوى اضمحلال الشبكات التقليدية للأنشطة الاقتصادية وتعويضها بأخرى عصرية، وغطت السلطات الاستعمارية الطرف في تلك الآونة عن أنشطة الحركة الصهيونية التي كانت تقوم بتخليصها من جزء من الرعايا اليهود ، وقد خلق ذلك جوا من التوتر غير المعلن بين المغاربة اليهود والمسلمين.
لكن بالرغم من هذا فإن أغلبية اليهود لم يكونوا يتصورون مستقبلهم في مكان آخر غير وطنهم المغرب . . وللإشارة فان عددا مهما من النقابيين كانوا يهودا ، في الوقت الذي كانت السياسة تقام بأشكال سرية مختلفة، وتدل على ذلك بطاقات المقاومين التي حصل عليها عدد من المناضلين اليهود المغاربة والأوسمة التي منحت لهم على عطائهم .وعرف بعضهم السجن مثل يوسف ليفي، والبعض الآخر تعرض للاعتقال بالدار البيضاء في أحداث دجنبر 1952 ، وبعضهم للنفي مثل: جرمان عياش و أبراهام السرفاتي.

تتحدثون عن العامة، في حين أتحدث نوعيا وأساسا عن النخبة التي يمكن أن تلعب دورا سياسيا معينا؟

سياسيا، معظم اليهود يعتمدون السلطان كمرجعية سياسية وإن كانت بعد الاستقلال إلى حدود اليوم العلاقة مع الأحزاب على غير ما يرام، ما عدا مع بعض الأقلية اليسارية.
لكن بعض اليهود المغاربة من المنتمين للأحزاب السياسية ومن غير المنتمين إلى عالم السياسة رفضوا الإذعان لهذا القهر، وكانت مناسبة الدفاع عن مغربية الصحراء فرصة سانحة ليعبر هؤلاء عن عمق وطنيتهم وعن انتمائهم للمغرب ، سواء في أرض الوطن أو في المهجر . وبدا اليهود يسترجعون شيئا فشيئا وضعيتهم كمواطنين مغاربة ويتبوءون مكانهم في الحياة السياسية وعبر الانتخابات سواء في الحكم أو في المعارضة القانونية أو الراديكالية ، وتم هذا بالرغم من العدد القليل لأعضاء الجماعة المتواجدين على أرض الوطن .
يوجد حاليا ، حوالي مليون يهودي مغربي عبر العالم منهم جماعة صغيرة بالمغرب حية ونشيطة، وأصبحت جماعات اليهود المغاربة عبر العالم يفتخرون بالقول " نحن اليهود المغاربة لم نطرد أبدا من وطننا الأصلي ، مثلنا مثل الأربعة ملايين من المغاربة المسلمين المهاجرين ، نرجع إلى وطننا كلما أردنا ذلك لنلتقي بأهلنا وجماعتنا الأم " هذه هي العولمة وفعلا هذا صحيح، فعدد سكان المغرب مر في نصف قرن من 8 إلى 30 مليون نسمة منهم 5 ملايين في بقاع الدنيا، وهم يهودا ومسلمين يبقون بشكل من الأشكال مغاربة يحملون جزءا من طريقة عيشنا ويحفظون في قلوبهم حبهم الدائم لبلد لم يترك لديهم في نهاية المطاف سوى ذكرى إيجابية مفعمة بالعواطف الصادقة.

ما هو الثقل الاقتصادي لليهود المغاربة؟

الآن ليس هناك ما يمكن تسميته بثقل اقتصادي يهودي، فمعظم أغنياء المغرب ليسوا يهودا، كما أن هناك الكثير من اليهود المغاربة فقراء جدا كغيرهم من المواطنين، وإن شئت معرفة الأهمية الاقتصادية لليهود المغاربة، لابد من العودة إلى بعض الحيثيات التي لعب من خلالها اليهود دورا مهما على هذا المستوى، حيث كان التخصص المهني بالمغرب القديم و الدور التاريخي للأقلية اليهودية.
كان المجتمع المغربي خصوصا في المناطق البدوية يتوفر على تنظيم قبلي، قبل دخول الرأسمالية الاستعمارية، وقد كان أعضاء القبيلة يمارسون نشاطاتهم المهنية في الزراعة أو الرعي تاركين للجماعة اليهودية أنشطة الصناعة التقليدية اليدوية "الحدادة والخياطة و السكافة"، في المدن فقد كان اليهود يشكلون عموما 10 في المائة من السكان وفي بعض الحالات كالصويرة وصفروا ودبدو كان عددهم يصل إلى 50 في المائة فأكثر. وقد كانوا متخصصين في حرف معينة "الصياغة وضرب العملة والخياطة والصفيح والأفرشة " أو في التجارة "ممثلين لدور التجارة الأجنبية أو الصرافة و المعاملات البنكية و النقل...". كانت هاته التخصصات نتيجة لتقليد ترسخ عبر العصور، وقد دخلت بعض الحرف المذكورة أعلاه في أزمة خانقة أدت بها إلى الاضمحلال في فترة الحماية، ولعل اختفاء الصيارفة في كل مدن المغرب باستثناء طنجة ، وبعض شبكات نقل البضائع ، هما المثالان الأكثر وضوحا في هذا الباب، أما صناعة الخيط المذهب " الصقلي " المغربي فقد دخلت في أزمة خانقة بعدما سمحت سلطات الحماية بدخول الصقلي الصناعي للسوق المغربية في سنة 1936، فقد أسقط هذا القرار جزءا من سكان ملاح مدينة فاس في حالة من البؤس الكبير .
وقد تزايدت في هذا السياق البطالة بموازاة مع تزايد عدد السكان، ولم يكن ظهور حرف جديدة كافيا لتعويض اختفاء المهن القديمة .

2007 / 3 / 12
أسبوعية المشعل المغربية