lundi 9 novembre 2009

جنرالات الجيش استغلوا ضعف النظام الملكي لجمع الثروات



2008 / 5 / 15

مصطفى أديب يصرح :
جنرالات الجيش استغلوا ضعف النظام الملكي لجمع الثروات



حاوره إدريس ولد القابلة

مصطفى أديب، ضابط سابق، ندد بالفساد المستشري في صفوف الجيش بعد الكشف عن بعض مظاهره بالحجة والدليل، لكنه أدين واعتقل وسجن وجرد من مهامه من طرف قضاء بلده، لكن العالم كرمه من خلال حصوله على الجائزة الدولية لـ "ترانسبرانسي" ضد الرشوة، اتصلنا بالكابيتان السابق في سلاح الطيران، ومهندس المعلوميات الحالي بفرنسا، وأجرينا معه الحوار التالي ضمن محور غلاف هذا العدد

- شكلت الصحراء مصدر ثراء بالنسبة ل"كمشة" من الجنرالات، أنت كضابط سابق انتفض في وجه الفساد داخل الجيش ما رأيك في ظاهرة استغلال هذه القضية الوطنية؟

+ بمرارة وحسرة وغضب مستعر.. كنا نحن مجموعة من الضباط نتساءل كيف يمكن قبول تبذير الأموال التي يؤديها المواطن ويقتطعها من جوعه، وهو يعتقد أنه يقوم بواجبه، بهذا الشكل المقيت، في حين إن جزءا كبيرا من هذه الأموال كانت تُحول إلى حسابات بنكية لجنرالات فاسدين ومرتشين، وإذا كان الجنرالات يحتلون رأس القائمة، فهناك كذلك ضباط وضباط صف سمحت لهم مواقعهم وقربهم من الفاسدين من الاستفادة هم كذلك وبأقدار متفاوتة .

- هل كانت للضباط الكبار حرية التصرف وفعل ما يريدونه، إلى حد أن بعضهم أضحى شغله الشاغل هو مراكمة الثروات وخدمة مصالحه الذاتية المحضة؟ ما الذي شجعهم على ذلك؟

+ لا محالة أنكم سمعتم أنه بعد المحاولة الانقلابية الثانية سنة 1972 نصح الملك الحسن الثاني جنرالاته الجدد - حيث حرص بنفسه على اختيارهم لتعويض الجنرالات المعلن أنهم "خونة" ـ أن يتركوا السياسية ويهتموا بالمال وعالم الأعمال، ومنذئذ أصبح هؤلاء الجنرالات يعتمدون موقفين حسب طبيعة المهام الموكولة لهم:
1- فيما يخص القرارات المرتبطة بالمال والبناء والعقار، سواء كانت الصفقة بالمغرب أو خارجه، فإنهم كانوا يتوفرون على هامش كبير من الحرية للتصرف كما يحلو لهم، بما في ذلك القيام بتحويلات مباشرة إلى حسابات بنكية خاصة بالداخل أو الخارج، وهناك الكثير من الأمثلة بهذا الخصوص، لاسيما في الصحراء، بخصوص تدبير المخالفات المرتبطة بالصيد في أعالي البحار، وبالضبط الصيد السري، إذ أن القاعدة السائدة ظلت هي عدم الإعلان عن مبلغ الذعائر، ومن الأمثلة كذلك طرق تدبير حسابات تغذية الجنود والمحروقات، وكلها ظلت تشكل مرتعا للتزوير والنهب والاختلاس.
2- أما فيما يخص السلاح وتنقل الوحدات العسكرية، فكان من الضروري الرجوع إلى القيادة العليا، التي إما أنها تضطلع بتدبير هذه القضايا مباشرة، أو تكلف بها بعض الجنرالات من أهل ثقتها.
ومن الأسباب التي شجعت الجنرالات في الاستمرار قدما في هذا الدرب، الضعف الذي كان يشكو منه النظام الملكي آنذاك، خصوصا رفضه تغيير الدستور وتحديثه، مما ساهم في تدني شعبية الملك الحسن الثاني منذ نهاية الستينيات، وتعمقت الأزمة مع غياب أحزاب سياسية قادرة فعلا، ومستعدة لضمان استمرار النظام، مما جعل الملك يشعر بعزلة ويحس بأن عرشه مهدد، والتهديد آنذاك لم يكن ليأتي إلا من الجيش، كما تأكد ذلك من خلال انقلابي 1971 بالصخيرات والطائرة الملكية سنة 1972، لذلك جعل الحسن الثاني الجيش أحد أعمدة النظام الملكي، بعد تقوية آليات مراقبته (الدرك الملكي، المكتب الخامس...) هذا من جهة، ومن جهة أخرى أسبغ على المؤسسة العسكرية طابع "القدسية" مع تمكين جنرالاتها وضباطها الكبار، من سبل الإثراء السريع، والاهتمام بالشؤون اليومية لعالم المال والأعمال.



- هل سبق و أن عاينت، أو بلغ إلى علمك أن مسؤولين كبار، عسكريون أو مدنيون، تعاملوا مع البوليساريو إبان الحرب، و سلموهم معلومات قصد إلحاق الأضرار و الخسائر بالقوات المسلحة لغرض تبرير رفع المصاريف أو الإمدادات و استدامة الوضع الذي كان يسمح لهم بمراكمة الثروات؟

+ إن حرب الصحراء كانت فشلا ذريعا للمغرب، دون الحديث عن كلفتها المالية، فبمجرد أن حفنة من المقاتلين كانوا يأتون في الفجر ويستولون على نقط المراقبة، وبعض المعسكرات ويأسرون الجنود ويستحوذون على السلاح والعتاد، في وقت كنا مجهزين بالرادارات الأرضية المتطورة، وطائرات الاستطلاع والتدخل والردع... كل هذا يؤكد وجود اختلالات وثغرات، في تدبير شؤون هذه الحرب، وثغرات في تدبير أمورها، وقد تكون عدم كفاءة البعض من الأسباب، غير أن الشكوك القوية، بخصوص بيع معلومات حول تموضع الوحدات العسكرية المغربية، ونقط ضعفها للانفصاليين ظلت، حاضرة ومبررة.

- إضافة إلى استفادتهم من الامتيازات في البر والبحر والتصرف في ميزانيات هائلة التي غالبا لم تكن خاضعة لأي مراقبة، هل كان كبار الضباط يستغلون الجنود لتنمية ثرواتهم، فكيف كان يتم ذلك؟

+هذا أمر أضحى معروفا لدى العام والخاص، وتكفي الإشارة إلى أن الجنود يشتغلون في الضيعات والمزارع الخاصة، والشركات والمعامل لحساب الجنرالات وشخصيات مدنية وازنة في الدولة.

- ما هي الأساليب المتبعة للاستفادة من المحروقات، و غيرها لتنمية الثروات الخاصة تحت يافطة الصحراء و الوحدة الترابية؟

+ عن طريق البيع المباشر في محطات توزيع البنزين أو تسليم الكميات المسروقة لموزعي المحروقات أو باستعمال إيصالات. وكذلك بالنسبة لـ "الكيروزين"، وهو نوع راق من المحروقات، ثمنه مرتفع يستعمل في تشغيل الطائرات، وكانت تستغله نخبة من جيش القوات الجوية والدرك، ويتم تهريبه بسهولة من القواعد الجوية.

- في نظرك، هل الخسائر الضخمة التي تكبدها المغرب في الصحراء، والأموال الطائلة التي صرفت هناك، أو باسم القضية الوطنية الأولى، من أسبابها تشجيع الضباط الكبار على تنمية ثرواتهم؟ و هل لولا الفساد المستشري لكان ممكنا أن تكون تلك الخسائر والمصاريف التي تحملها الشعب أقل؟

+ طبعا، لو كان تدبير حرب الصحراء جيدا، لكانت الخسائر أقل، بل أكثر من هذا، لو كان النظام قد تصالح مع الشعب، لكان من الممكن تفادي هذه الحرب، فرغبة الانفصال لم تكن لتبرز لو كان هناك عدل وديمقراطية يُهتم بتنميتهما، وبالتالي فإن الجنرالات استغلوا فرصة ضعف النظام وعملوا على تقعيد منظومة فساد ورشوة معقدة، ساهمت وزارة الداخلية في ترسيخها.

- والآن بعد أن تأكد بالملموس فساد كمشة من المسؤولين الذين استغلوا الصحراء للثراء غير المشروع، وعبر أساليب يجرمها القانون المدني والعسكري، هل من الواجب المطالبة بمحاسبتهم بفعل الأضرار البليغة التي ألحقوها بالشعب وبالبلاد؟ و هل يستوجب هذا المطالبة بمصادرة الثروات التي راكموها بهذه الطريقة؟

+ في الحقيقة، هذا ما وجب أن يقره ممثلو الأمة. وفيما يخصني، أعتقد أنه من واجبي القيام بذ الدائمة لك ومتابعتهم المفسدين أمام محاكم محايدة، وأعني بها محاكم غير عسكرية كالمحكمة العسكرية بالرباط، لكن هناك إشكالية ارتباط هؤلاء بمنظومة كاملة، لكنهم استغلوا الظروف مع سبق إصرار وترصد، وهذا وحده يكفي وزيادة لمساءلتهم.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire