lundi 16 novembre 2009

كل المؤسسات تأخذ أحيانا بحرفية الخطاب الملكي ولا تجرؤ على المبادرة


عبد العزيز النويضي رئيس جمعية "عدالة": كل المؤسسات تأخذ أحيانا بحرفية الخطاب الملكي ولا تجرؤ على المبادرة

تغير الخطاب بخصوص فحوى ومضمون إصلاح القضاء ببلادنا، وانتقل الحديث من مفهوم الإصلاح الإداري إلى الإصلاح المؤسساتي لمنظومة العدل لضمان الشمولية والفعالية، مما طرح أكثر من تساؤل بخصوص ارتباط هذا الإصلاح والتعديل الدستوري ونهج تدبير هذا الارتباط. سألنا رئيس جمعية "عدالة" بهذا الخصوص، فكانت الحصيلة كالتالي:

- حصل تغيير ملحوظ في فحوى الخطاب عن إصلاح القضاء، إذ بدأ الحديث عن إصلاح وترشيد منظومة العدالة بالمغرب، هل من فرق بهذا الخصوص؟
+ إن منظومة القضاء (أو العدالة) تشمل كل الفاعلين في القطاع والمؤسسات المعنية بالعدالة والعدل ببلادنا ومختلف المتدخلين في القضاء وإعدادهم وتنظيمهم وتكوينهم وتأهيلهم، ونهج التدبير والإدارة والترسانة القانونية وآلياتها. وهذا المفهوم في عرف رجال القانون والفقهاء أشمل وأوسع مما يصطلح عليه بالقضاء أو قطاع القضاء.

- هل هذا يعني أن الخطاب الجديد بهذا الخصوص يعكس تطورا في منظور إصلاح القضاء المعتمد الآن؟
+ بكل تأكيد، يبدو أن المنظور أضحى يتوخى الشمولية، ونحن الآن أمام تصور متكامل، أشمل من التصور السابق، وهو ما يتوخاه الجميع بخصوص هذا القطاع الحيوي.

- أليس من الأولى الإقرار بتعديل دستوري قبل تفعيل ورش إصلاح القضاء اعتبارا للارتباط البنيوي بين القضيتين؟
+ التعديل الدستوري عبارة تشمل عدة مستويات؛ في المستوى الأول، تعني تعديلا كليا بتوافق مع كل الفاعلين، بما فيهم الفعاليات الإسلامية التي تقع حاليا خارج اللعبة السياسية وأقصد مثلا جماعة العدل والإحسان وغيرها، هذا هو المفهوم الأول للتعديل الدستوري، لكنه ليس المطلوب في الظرف الراهن.وهناك مستوى ثاني للتعديل الدستوري يخص المحتوى الذي يجري الحديث عنه في السنوات الأخيرة، أي تعديل دستوري من أجل ضمان توازن أكبر بين السلطات وتقوية دور الحكومة والبرلمان إلى آخره..وهناك مستوى ثالث، وهو المتعلق بتعديل دستوري جزئي، يهم فقط منظومة القضاء وحقوق الإنسان، وإن كنا نحبذ أن يكون التعديل الدستوري على أكبر مستوى. ذلك أنه، في موضوع القضاء لا يمكن إصلاح بعض المؤسسات في هذا القطاع دون تعديل دستوري، خاصة فيما يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء..

- هذا هو المقصود، خصوصا وأن التصور المؤسساتي لإصلاح القضاء يتمحور حول تمكين هذا القطاع من أن يصبح سلطة كباقي السلط الأخرى، وهو ما يستوجب بالضرورة تعديلا دستوريا، أليس كذلك؟
+ نعم، إذا كنا نريد أن نذهب في إصلاح عميق للقضاء، يجب أن ينص الدستور على أن القضاء سلطة قائمة الذات، ولكن يتوجب بالدرجة الأولى التنصيص على اختصاصات وعلى تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء، سيما إذا كنا نتوخى تخويل هذا المجلس سلطات ووسائل أقوى وتشكيلة جديدة.

- هناك من يعتبر أن التصور الجديد لإصلاح منظومة العدالة ببلادنا من شأنه أن يحرج الحكومة، ما رأيكم؟
+ يحرج الحكومة؟!


- نعم، بمعنى أن الكرة أضحت الآن بمعسكرها وعليها أن تقوم بما يلزم القيام به؟
+ أعتقد أنه ليس هناك أي إحراج للحكومة، لماذا؟ لأنه قد يتصور البعض خطأ أن هذه المبادرة ملكية صرفة، لكن الحقيقة أنها مبادرة مشتركة بين الملك وبين وزارة العدل والحكومة.فالكثير مما جاء في الخطاب الملكي الأخير ينص على أن جلالة الملك يثمن الاستجابة التي تمت عندما سعت وزارة العدل إلى التشاور، وعندما طلبت من الأحزاب السياسية والجمعيات مدها باقتراحات؛ معنى هذا، أن الخطاب الملكي جاء بعد تشاور، وبعد تدارس، وبعد إحاطة جلالته بما تقوم به وزارة العدل.إذن، البعض قد يعتقد خطأ أن هذه الوزارة تقف مكتوفة الأيدي وتنتظر الخطاب الملكي لتتحرك، في حين أنها تحركت منذ أول خطاب ملكي، لكن المشكلة كانت تكمن في أن هذا الخطاب كان مرة يدعو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى إنجاز الإصلاح، ومرة يدعو وزارة العدل وتارة أخرى يدعو الحكومة.لهذا، إن وزارة العدل عندنا بالمغرب وغيرها من المؤسسات تأخذ أحيانا بحرفية الخطاب الملكي لكنها لا تجرؤ على المبادرة.لكن خلال السنوات الأخيرة، أخذت وزارة العدل المبادرة وبدأت تعد بالإصلاح، مما يجعلني أعتقد أن إصلاح القضاء يتم بتشاور وحوار بين الملك ووزارة العدل والحكومة، جميعا.

- كونك حقوقيا متتبعا لتطورات هذا المجال، هل التصور الجديد لإصلاح منظومة القضاء استجاب لطلبات وتوصيات الحركة الحقوقية في هذا المضمار؟
+ إن أهم مطالب الحركة الحقوقية بالمغرب تتمحور حول تعزيز استقلال القضاء ونزاهته وإصلاح مجلسه الأعلى والتصدي للرشوة والفساد ومحاربتهما وتقريب القضاء من المتقاضين وتوفير شروط المحاكمة العادلة وتنفيذ الأحكام القضائية في وقتها وتكوين العاملين بالقطاع والساهرين عليه وموارده البشرية وتحديث الترسانة القانونية واعتماد الحكامة الجيدة في قطاع العدل. وبما أنه لا يمكن إصدار شيك على بياض، وجب انتظار الإطلاع على فحوى المشروع بتفصيل دقيق للتمكن من التقييم وإبداء الرأي، علما أن أفضل السبل هو التشاور لإعداد مشروع إصلاح شمولي للمنظومة القضائية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire