samedi 21 novembre 2009

دردشة مع فاعلين جمعويين حول تكوين ثروة الملك الحسن الثاني


29 يناير 2008
علي فقير / فاعل سياسي: راكم الحسن الثاني ثروته مستغلا عدم الفرق بين ما هو "مخزني" وما هو "عمومي"



عبد السلام أديب/ باحث اقتصادي : التواجد في موقع صنع القرار والإثراء على حساب المشاريع العمومية


محمد المسكاوي، المنسق الوطني للهيئة الوطنية لحماية المال العام ( السكرتارية الوطنية ): وجب أن ننطلق من الزاوية الشمولية وليس الاقتصار على هرم السلطة



يعتقد علي فقير أن طريقة تكوين وتجميع ثروة الحسن الثاني لا تختلف عن الطرق التي تكونت بها ثروة الموظفين السامين والمقربين من البلاط، ربما لا يكمن الفارق في الجوهر، وإنما في الحجم والثقل وحرية التصرف وسرعة وثيرة التجميع.

وجل هذه الطرق تدخل في نطاق الاقتصاد والاحتكار وجني الربح باستغلال العاملين والشغيلة، سواء بالحواضر أو البوادي، وهذه حقيقة يعمل بها جميع الحكام والدوائر القريبة منهم والقائمين على الأمور بتوكيل أو تفويض، وهناك كذلك استغلال المواقع وتسخير مختلف أجهزة الدولة.

هكذا كان الحسن الثاني من الأوائل الذين استفادوا من الأراضي المسترجعة، وكان على رأس من وضعوا أيديهم على أجودها وأخصبها.

وفي غياب منافسة حرة بين المستثمرين، وفي ظل عدم احترام القوانين الاقتصادية الرأسمالية، تمكن الحسن الثاني من استغلال الدوائر الاقتصادية لمراكمة ثروة هائلة، واعتبارا لكون الاقتصاد المغربي ظل اقتصادا رأسماليا تبعيا بامتياز، فقد سَهُل الأمر وتعددت طرق مراكمة الثروة الملكية، لاسيما وأن اقتصادنا لا تحكمه تلك القوانين الرأسمالية التي عرفتها أوربا أو آسيا أو بلدان رأسمالية تبعية أخرى.

فعلاقات النفوذ واستغلال الموقع مكنت من جمع ثروات هائلة دون حسيب ولا رقيب، وقد ساهمت الأساليب المعتمدة من طرف المحيطين بالملك والبلاط آنذاك في تسريع وثيرة تجميع تلك الثروات.

وبرزت هذه الأساليب عبر غياب حدود فاصلة بين ما هو مخزني وما هو عمومي، وفي هذا الصدد لعبت جملة من الإدارات التابعة لوزارة المالية، لاسيما مديرية الأملاك المخزنية، دورا أساسيا في تفويت الكثير من الأراضي والضيعات والعمل على تسوية وضعيتها القانونية، وبذلك كانت هذه الإدارة ومثيلاتها أداة وآلية لتمكين العائلة الملكية من رصد عقاري حضري وفلاحي، كما أن هناك صناديق ساهمت بشكل غير مباشر في تكوين الثروة الملكية، في عهد الحسن الثاني؛ وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق الإيداع والتدبير وغيرهما، هذا في وقت لم تكن الحكومة تتحكم في تلك الصناديق، آنذاك كان من السهل تحويل الأموال من جهة إلى أخرى، أو من حساب إلى آخر بمجرد تعليمات وبدون حسيب ولا رقيب، وقد تكون ثروة الحسن الثاني قد استفادت من هذه الأموال، واستغلتها لحسابها الخاص، في كنف هذا الغموض والخلط بين المالية العمومية والثروة الملكية آنذاك.


و يرى عبد السلام أديب أن الآليات التي سمحت لفئة قليلة جدا من المغاربة، ما بين فترة حصول المغرب على الاستقلال والسبعينات، بمراكمة ثروات طائلة في وقت وجيز وبطرق غير واضحة، هي آليات متعددة حققت ثروات هائلة لفائدة فئة قليلة خلال فترة وجيزة، من بينها ما يلي:

1 – التواجد في مواقع صنع القرارات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية: فعدد من المغاربة الذين كانوا يتوفرون بعد خروج الاستعمار المباشر، على مستويات متفاوتة من التعليم والذين أسندت لهم مهام المسؤولية الإدارية والاقتصادية المختلفة في قطاع الوظيفة العمومية أو في قطاع المؤسسات العمومية التجارية والصناعية، استطاعوا مراكمة ثروات هائلة، ويمكن هنا الإشارة إلى العديد من الأمثلة من بينها طبعا منح تراخيص النقل والصيد البحري والمقالع والمناجم والتجارة الخارجية والعمليات المصرفية... الخ، وإذا أخذنا على سبيل المثال أذونات التصدير والاستيراد فقط، فالعملية كلها مدرة لثروات خيالية جعلت ثروات البعض تنتقل بأرقام فلكية لم تحققها الأسر البرجوازية الأوروبية إلا بعد عقود من الاستغلال.

2 – الإثراء على حساب المشاريع العمومية: فوضع تقديرات مالية مبالغ فيها للمشاريع العمومية الكبرى كالسدود والطرق والموانئ والسقي والتنمية الفلاحية والتزويد بمياه الشرب، والتي تمول في الغالب بقروض خارجية ضخمة، تمكن بعض المشرفين على الانجاز من تحقيق ثروات خيالية بطرق ملتويةّ، كعملية ارساء الصفقات على شركة معينة دون أن تتوفر فيها كافة الشروط على حساب باقي الشركات، وادخال بعض المكونات ضمن تكاليف المشروع كبناء دور الأطر والعمال، حيث يمكن بهذه الطريقة تشييد فيلات فخمة في أماكن غير مواقع المشروع، أو تمويل واستيراد تجهيزات باهضة الثمن، فلاحية أو صناعية، عسكرية أو طبية، فتؤدى المبالغ مقابل أوراق تثبت حصول الاستيراد دون أن تكون حقيقية.

3 – احتكار بعض العمليات أو صناعة وبيع بعض المنتوجات: فاحتكار مكتب التسويق والتصدير لعمليات تصدير بعض المواد الفلاحية وكذا احتكار إنتاج الحليب والزيوت والسكر وتسويقها، يجعل المحتكرين يسبحون في أنهار جارية من الأموال، تقوم على هوامش خيالية من الأرباح تتحقق على مستوى فرض سعر زهيد على المنتج عند الشراء وفرض أسعار عالية عند البيع، وهنا تحدث سلسلة من الخروقات لها علاقة بالاستغلال البشع للمنتجين والمستهلكين، وتحقيق فوائد مالية خيالية، يتمكن المسؤولون من تحويل جزء كبير منها لحساباتهم البنكية داخليا أو خارجيا.


أما محمد المسكاوي، المنسق الوطني للهيئة الوطنية لحماية المال العام – السكرتارية الوطنية – فيرى أن معالجة موضوع تكوين ومراكمة الثروات من طرف القائمين على الأمور وكبار الشخصيات في البلاد منذ فجر الاستقلال، وجب أن تنطلق من الزاوية الشمولية وليس الاقتصار على هرم السلطة، وذلك للتمكن من وضع الأصبع على مكمن الخلل وأصل المشكل، باعتبار أن الإشكالية ليست مرتبطة بأشخاص بعينهم ما دامت النخب والشخصيات تتغير مع مرور الوقت، وإنما هي مرتبطة ببنية مركبة ونظام اقتصادي ريعي.

وهذا النظام اعتمد في تدبير الشأن العام منذ الاستقلال على مفهوم الإرشاء عبر توزيع الامتيازات والمسؤوليات خارج الإطار القانوني ودون اللجوء إلى مسطرة المحاسبة، والشعب المغربي بفئاته المحرومة هو من أدى ولازال يؤدي ثمن وضريبة اقتصاد الريع الذي جعل 5 بالمائة من السكان يستحوذون على 90 بالمائة من خيرات البلاد.

هذا هو الإطار العام الذي تكونت في أحضانه ثروات العائلة الملكية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.

لهذا السبب يقر محمد المسكاوي أن المطلب الأساسي لحماية المال العام والقوى الحقوقية الحية هو الإصلاح الدستوري، هذا الأخير الذي يحدد المسؤولية ويجعل السيادة للقانون على قاعدة المحاسبة والمساءلة، من خلال قضاء نزيه ومستقل.

ويعتقد محمد المسكاوي أن هذه الإجراءات الإصلاحية المستعجلة من شأنها أن تفرز بنية اقتصادية قوية متماسكة تساير مختلف التطورات وتضمن العيش الكريم للمواطنين، اعتمادا على المنافسة الشريفة والمبادرة الحرة والخلاقة، عوض شركات العائلات والاحتكارات وخوصصة المؤسسات المنتجة لنفس العائلات وضخ الملايير من الدراهم من المال العام في حساب المؤسسات المفلسة، والأدهى من ذلك أن هذه الشركات العائلية تتهرب من الضرائب، وفي هذا الصدد سبق لمدير الضرائب أن صرح بأنه يضيع على الدولة يوميا ما قيمته 28 مليار سنتيما من جراء هذا التهرب الممنهج.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire