lundi 9 novembre 2009

لحبيب حاجي: الملك أحس بخطورة الوضع والعدالة أساس الملك



لحبيب حاجي: الملك أحس بخطورة الوضع والعدالة أساس الملك


يعتبر حاجي لحبيب، وهو أحد أصحاب البذلة السوداء الذين اكتووا من حيف القضاء، أن موضوع إصلاح القضاء الوارد في الخطاب الملكي الأخير موجه إلى الحكومة، وخاصة وزارة العدل، لكي تترجم فحواه على أرض الواقع. وما دام التصور الملكي لإصلاح منظومة العدالة ببلادنا قد ركز على ضرورة وجود هيأة استشارية مستقلة ومرصد للإجرام، فإنه أضحى من الضروري تفعيل هذه الأجهزة لأن بدونها لا يمكن تكريس "البرنامج الملكي بخصوص عدالتنا المريضة".كما يرى أنه بالرغم من عدم بلورة هذا الإصلاح ضمن تعديل دستوري كما تتوخى الحركة الحقوقية، وبالرغم من كون هذا الإصلاح يأتي ضمن جو سياسي يجعل من الأحزاب ذات المصلحة في المحاكمة العادلة، وبالرغم من أنه جاء في ظرف برزت خلاله الملكية في الساحة دون باقي الفاعلين، فإنه من الضروري التشبث بقضية التخليق لتهيئ الطريق لرمي الفاسدين في مزبلة التاريخ.

- تم من قبل الحديث عن إصلاح القضاء أما الآن فقد بدأ الحديث عن إصلاح منظومة العدالة، ما الفرق بين التصورين؟
+ منظومة العدالة أكثر شساعة من مجرد كلمة القضاء، ذلك أن منظومة العدالة تحتاج أولا إلى تصور دستوري واضح مستند إلى قوى سياسية في مصلحتها تقوية المحاكمة العادلة، كما أن مفهوم منظومة العدالة تشمل إدخال تعديلات على النصوص القانونية سواء المعتبرة قانونا جنائيا أو الخاصة بالإجراءات، وأقصد قانون المسطرة الجنائية وتغيير قوانين القضاة وهيأة المهن القضائية (القضاة، المحامون، الشرطة القضائية، الخبراء، كتاب الضبط...) وعلى سبيل ذكر الشرطة القضائية فهي من أهم الأجهزة التي تتحكم بمصير العدالة والمحاكمة العادلة، لذلك فإنها تحتاج إلى تغيير جذري بما يجعلها مرتبطة عضويا بالنيابة العامة وتوفرها أيضا على مقرات خاصة بما يضمن ضيافة المشتبه فيهم في ظروف شفافة تمكن الدفاع من الحضور إلى جانب موكليهم منذ الدقائق الأولى لاعتقالهم، كما أن هذا المفهوم يمتد إلى طرح أسئلة سياسية وفلسفية وفقهية وإشراك أساتذة الجامعة من رجال القانون والحقوقيين وقبلهم المحامين وأجهزتهم المعروفة. وإصلاح منظومة العدالة تبدأ من القضاء على سياسة الإفلات من العقاب والقضاء على الرشوة واستغلال النفوذ والإقرار السياسي والدستوري، بكون آلية العدالة التي هي القضاء، بمثابة سلطة مستقلة ويترجم ذلك في الأجهزة المرتبطة بدمقرطتها.كما لا يفوتني أن أشير إلى مسألة ذات أهمية، وهي إعادة النظر في طريقة تزويد العدالة بالقضاة وجعل المحاماة مصدرا من مصادر تزويد المحاكم بالقضاة من المحامين الأكفاء النزيهين الذين قضوا مدة معينة في المحاماة وأثبتوا جدارتهم في حماية المحاكمة العادلة.

- أليس الأولى البدء من الإقرار بتعديل دستوري قبل إطلاق ورش إصلاح القضاء؟
+ نعم، لكن هذا الإصلاح الدستوري إذا ما حدث فسوف يتم بقوة سياسية واحدة ووحيدة، وهي قوة الملكية، الإصلاح الدستوري في غياب قوة سياسية ديمقراطية تفرض نفسها على الساحة، لن يكون إلا بطعم المنحة وبالتالي فإن لاشيء سيتغير في البلد.. أعتبر فعلا أن التغيير الدستوري ضروري لكن الأساسي قبله هو البحث عن قوة سياسية تضغط من أجل هذا الإصلاح الدستوري الذي سوف يتضمن مبادئ جديدة تدفع إلى صيانة مبادئ الديمقراطية لأن إصلاح القضاء أو إصلاح منظومة العدالة لا يمكن أن يتحقق في غياب مناخ ديمقراطي، والمناخ الديمقراطي لن يتحقق في ظل جمود يصل إلى حد الوفاة بالنسبة للأحزاب التي اعتقد الجميع أنها قد تضيف شيئا للمشهد السياسي وستدفع إلى فرض الديمقراطية ولو في أبسط شروطها لأي أفق نحو الانتقال الديمقراطي.

- ما دواعي حديث الملك عن إصلاح مؤسساتي للقضاء، علما أن "إصلاح القضاء" ظل من القضايا المطروحة بحدة على امتداد العهد الجديد؟
+ لقد وصل السيل الزبى ووصلت السكين العظم وأصبحت العدالة في بلادنا قطاعا منخورا بالرشوة واستغلال النفوذ والزبونية والمحسوبية واستقوت العناصر الفاسدة المستفيدة من هذه الوضعية، وكل من تكلم عن هذه الوضعية بصدق وشهادة إما أن يسجن أو يشطب عليه أو تلفق له التهم الباطلة ويهدد في مستقبله (نموذج المحامين أصحاب رسالة إلى التاريخ)! وحسب ترانسبارانسي، فالرشوة منتشرة في العدالة إلى درجة تجعلها في المرتبة الأولى، وحسب ديوان المظالم فالقضاء هو الجهاز الأول الذي يشتكي منه المغاربة، إلى غيره من الكوارث التي سببتها المحاكمات غير العادلة والتي شوهت صورة المغرب في الخارج. لقد تحدث الملك كثيرا عن مشاكل العدالة والقضاء، حيث قلّما تخلو مناسبة إلا وأثار هذا الموضوع بحدة، لكن الأجهزة المسؤولة، وعلى رأسها وزارة العدل لم تترجم تلك الخطابات الملكية السابقة، وهو ما دفع بالملك إلى وضع برنامج للإصلاح بعد ترتيبات على مستوى الوزارة بالإبقاء على الوزير عبد الواحد الراضي وزيرا للعدل وإحداث تعيينات جديدة على مستوى المجلس الأعلى للنقض والإبرام وإحداث الهيأة الوطنية للوقاية من الرشوة... وهكذا يتم لأول مرة تخصيص الملك موضوعا واحدا ووحيدا في خطاب خلال مناسبة مهمة وهي ثورة الملك والشعب ولاشيء غير إصلاح القضاء.. إذن هناك دواعي كثيرة تطلبت تدخل الملك، ذلك أن هناك غيابا للأحزاب السياسية في هذا الموضوع والتي لا تأثير لها، وبالتالي كما لاحظ الجميع فقد جاء بنقط استعجالية تشمل النصوص والأجهزة وخلق أجهزة جديدة مثل الهيأة الاستشارية والمرصد، كما تحدث عن التخليق ومحاربة استغلال النفوذ والرشوة... من ثم فإنه لا يمكن لأي إصلاح أن يتجسد في المغرب دون تدخل الملك، والملك شعر فعلا بخطورة الوضع ما دامت العدالة أساس الملك.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire