mardi 5 janvier 2010

أمينتو ووراءها الخلية الاستخباراتية الجزائرية (الفرقة 192) مقرها ببن عكنون بالجزائر العاصمة



ذ.عبد الرحمن مكاوي / خبير في الشؤون العسكرية و الإستراتيجية لـ "الصحراء الأسبوعية"

أمينتو ووراءها الخلية الاستخباراتية الجزائرية (الفرقة 192) مقرها ببن عكنون بالجزائر العاصمة

شكلت نازلة الانفصالية أمينتو حيدر مناسبة أخرى لكشف واقع الدبلوماسية المغربية التي مازالت تعاني من أجل الدفاع عن قضايا المغرب العادلة و المصيرية.
إن المتتبع للدبلوماسية المغربية بخصوص قضية الصحراء، قضية المغرب و المغاربة الأولى، الصحراء المغربية، يلاحظ بسهولة تكرار الأخطاء بشكل فج، بدءا من الصراع حول جزيرة ليلى و الأزمة الدبلوماسية مع السنغال و قطع العلاقة مع فينزولا و طرد السفير الإيراني وصولا إلى نهج التعاطي مع نازلة الانفصالية أمينتو حيدر.
و قد ساهمت تداعيات هذه النازلة إلى حد كبير في كشف جملة من القضايا لم يكن يعلمها إلا النزر من المغاربة رغم أن القضية تهمهم جميعا و تعتبر من أول الأولويات الآنية و الاستراتيجية.
لتسليط بعض الأضواء على خلفيات و انعكاسات هذه النازلة اتصلنا بالدكتور عبد الرحمان مكاوي فكانت الحصيلة كالتالي:


1 - شكلت عودة أميناتو حيدر صدمة للمغاربة، سيما و أنها لم تقدم أي تنازل كما تم الترويج لذلك، فكيف تقيمون هذه النازلة؟

اعتقد ان الدبلوماسية المغربية تقوم بمجهودات لشرح الفخ الذي نصبته الجزائر من خلال دفع أمينتو حيدر الى اتخاذ مواقف و مبادرات معادية للوحدة الترابية المغربية. فالمرأة معروفة بتفننها في الدعاية السياسية المعادية للمغرب ووراءها خلية جزائرية مكونة من ضباط مختصين في التشويش على بلدنا في المحافل الدولية و المعروفة بالفرقة 192 و التي مقرها بن عكنون الجزائر العاصمة.فوزير الخارجية و التعاون المغربي رفع جزئيا الغموض الذي لف عودة امينتو حيدر الى المغرب، الذي كان يهمنا هو : هل دخلت امينتو حيدر بجواز سفر مغربي؟ وهل كتبت اسم البلد الذي تنتمي اليه؟ و ما هي طبيعة الضغوط التي مورست على المغرب لإبرام هذه الصفقة؟. الظاهر ان امينتو حيدر هي التي تنازلت ووقع الاتفاق بتدخل فرنسي قوي في الموضوع، رغم انها ما زالت تكذب ابرام اي اتفاق بينها و بين الدولة المغربية. ان التدخل الفرنسي سحب البساط عن المشروع الجزائري لإقحام المغرب في حرب حقوقية اعلامية عالمية، مخطط كان يهدف الى مطالبة الدول العظمى الدائمة في مجلس الأمن منح اختصاصات الشرطة لقوات الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لحماية السكان الصحراويين و تقديم المغرب كدولة مارقة الى الرأي العام العالمي.


2 – هل من شأن تنازل الدولة المغربية عن موقفها الأصلي تشجيع انفصاليي الداخل على المزيد من إحراج المسؤولين المغاربة و المزيد من توريطهم؟

في رأيي الشخصي، ان الخطوط العريضة للمفاوضات التي جرت حول موضوع امينتو حيدر لم تعرف بعد، و لا يمكننا في هذه الآونة الكلام او الحديث عن التنازل او انهزام الدولة المغربية طالما ان المفاوضات كانت سرية تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون و تدخل عدة أطراف دولية. فالسياسة الخارجية تخضع للإستراتيجية خارجية تخدم مصالح المغرب و امنه القومي، فهي قابلة للمراجعة و التصحيح او التفعيل. فينبغي استقرار السياسة الخارجية و العمل على اصلاحها و صلابتها و تغيير السلوكيات الانفعالية و الغير المدروسة و التي كانت لها في الماضي نتائج سلبية على سمعة المغرب و كرامته، قرارات تحدث أضرارا متعددة و جانبية تمس أمننا القومي و موقعنا في النظام العالمي الذي اصبح قرية صغيرة.


3 - في نظركم، إلى ما يعود الارتباك الواضح في التعاطي الرسمي مع قضية الانفصالية أميناتو؟

لا يمكننا الكلام بمفهوم الارتباك في العلاقات الدولية للأمم، فاتخاذ القرارات تأخذ من أكثر من مصدر و تحتاج لوقت طويل لبلورة موقف رسمي للدولة، الغريب اننا نتكلم عن موقف الدولة و لا نتحدث عن مواقف الأحزاب و المجتمع المدني المغربي في الداخل و الخارج. و لقد سالت في باريز و أنا في المستشفى من طرف صحافيين فرنسيين متسائلين عن عدم تحرك الشعب المغربي لمواجهة هذه الهجمة الاعلامية الجزائرية الممولة من صندوق محاصيل شركة صونتراك. فالكل اصبح يعلم ان الجزائر و البوليساريو فشلتا في الحرب العسكرية ضد المغرب، حرب دامت 15 سنة متواصلة. فمنذ وقف اطلاق النار سنة 1991 قررت المؤسسة العسكرية الجزائرية تغيير منهجية وأدوات المواجهة و اطلقت الحرب الإعلامية و الحقوقية و الدبلوماسية و المخابراتية لمحاصرة المغرب و تصدير العنف الى الداخل، استراتيجية مدعومة من اليسار الأوربي و الأمريكي و الإفريقي، في هذا السياق أوتي بالرئيس بوتفليقة سنة 1999 من امارة ظبي لتطبيق هاته السياسة و هذه الحرب على المغرب.


4 – هل عودة هذه الأخيرة بالطريقة التي عادت بها تعتبر فشلا ذريعا للدبلوماسية و السياسة الخارجية المغربيتين، و على وجه الخصوص نهج التعاطي مع ملف الصحراء؟

اظن ان الخارجية المغربية كان لها اوراقا متعددة لمعالجة هذا الاستفزاز الجزائري منها المقاربة القانونية التي تتمثل في تقديم السيدة امينتو حيدر الى وكيل جلالة الملك بتهمة الإخلال بالنظام او إهانة موظفين او التخابر مع جهاز امني معادي للمغرب الى غير ذلك بكل شفافية و موضوعية و في اطار احترام حقوق الانسان و الحريات العامة، و حتى نظهر امام العالم اننا دولة الحق و القانون نسمح بحرية الرأي و الاعتقاد و نرد بالقانون على كل استفزازات او تجاوزات.

و في هذا السياق، ينبغي المراجعة الضرورية لبعض الجوانب في الدبلوماسية الرسمية سواء على مستوى الكلمة او الصورة او العناصر البشرية، فلو تحرك الشعب المغربي امام سفارات الجزائر او اسبانيا مثلا في مظاهرة مليونية لخافت اسبانيا و الجزائر على مصالحها في المغرب. لذا ينبغي التفكير في احداث لجنة التحقيق يأمر بها جلالة الملك او البرلمان، للوقوف على حقيقة الموضوع و مساءلة المسؤولين عن الأخطاء و الهفوات ان كانت هناك اخطاء. و في هذا السياق، ينبغي تكوين مجلس ملكي للدبلوماسية، يحدد السياسة الخارجية للمغرب و خطط تدبير نزاع الصحراء على المدى القصير و البعيد. مجلس ملكي يضم وزراء خارجية سابقين وأمناء الأحزاب السياسية و اعلاميين ورجال اعمال و حقوقيين و مختصين في العلاقات الدولية و المنازعات الإقليمية، انها خطوة ضرورية حتى يتفادى المغرب في المستقبل كل الأخطاء المجانية التي تخدم مخطط العدو.


5 – في اعتقادكم، ألا يستوجب التراجع عن الموقف الرسمي مساءلة اعتبارا لأن الأمر مرتبط بقضية ذات أولوية الأولويات؟

حقيقة ، ان قضية الصحراء المغربية مسألة ثابتة و ساكنة في قلب الشعب المغربي ووجدانه و يتساءل عن حقيقة ما جرى في غياب المعلومات الصحيحة و في تدخل وسائل اجنبية عالمية في الموضوع و التي هي معروفة بانحيازها الى الأطروحة الانفصالية. فعلى القائمين و المسؤولين على تطبيق القرار السياسي الدبلوماسي الاستراتيجي القيام بمجهودات جبارة لشرح القضية و عدم ترك الخصوم استغلالها لأهداف اخرى كإفشال المفاوضات الغير الرسمية، ينبغي معالجة هذا النقص في التسويق السياسي لمواقف المغرب التي يقف وراءها شعب بكامله. فالمسألة ليست قضية شخص او مؤسسة او وزارة او ...بل قضية الشعب المغربي بأكمله. و ينبغي التعامل مع نزاع الصحراء على هذا الأساس مستقبلا.


6 – كيف تفسرون تغييب نواب الأمة (البرلمان) من هذا الأمر؟

كان على وزير الخارجية و التعاون ان يقوم بشرح الموقف في بدايته امام لجنة الخارجية و الدفاع و الحدود في المجلسين، كما كان عليه ان يعطي اوامره لسفاراتنا في الخارج و خاصة اسبانيا و فرنسا و ايطاليا و الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الاسكندينافية بالتحرك سريعا لشرح السيناريو الجزائري و أبعاده من خلال تحريك الأداة المتمثلة في امينتو حيدر، كما كان على وزير الخارجية ان يلتقي بوسائل الاعلام المغربية و الأجنبية في 24 ساعة الأولى من انفجار المشكل الذي كان متوقعا حدوثه من سنين، لأن المعنية تسعى بكل الوسائل للدخول الى الجنة او الحصول على جائزة نوبل على حساب المغرب و التي تساوي مليون و نصف دولار. فالذي يهمها هو المال أساسا و الانتقام من المغرب من خلال طليقها الذي تشبث بمغربيته.


7 – بخصوص الأحزاب السياسية كيف تقرؤون تبعيتها المستسلمة و إن كان الأمر يهم موقفين متضاربين؟


ان الأحزاب السياسية في المغرب في اغلبها كما هو الشأن في الدول الديمقراطية تتابع القرارات المتخذة في الميدان الدبلوماسي، و في هذا الاطار لوحظ عدم تواصل وزارة الخارجية و التعاون مع هذه الأحزاب طيلة مدة الأزمة، اعتقادا منها انها الوحيدة القادرة على حلها و هذا كان خطأ تكتيكيا و منهجيا عكس ما فعلته الأحزاب السياسية الجزائرية ووسائل اعلامها التي رغم ازمتها مع مصر جندت كل الوسائل في الساعات الأولى من طرد امينتو حيدر الى جزر الكناري.


8 – في هذا المضمار طالب البعض باستقالة وزراء الخارجية والاتصال و العدل اعتبارا لتداعيات قضية أميناتو الموصوفة من طرفهم، بـ " سبة في حق الشعب المغربي و للصحراويين الوحدويين و لأرواح الشهداء"، فكيف تقرؤون هذا الموقف؟ و هل المطالبة باستقالة الوزراء المذكورين مبنية على أساس اعتبارا لكون الوزراء لا يستقيلون عندنا؟

لا ينبغي في نظري شخصنة الأخطاء الدبلوماسية و تحميل المسؤولية الى وزير واحد او قطاع واحد، فالأمر أبعد و أعمق من ذلك لان القرارات الدبلوماسية قرارات سيادية يتدخل فيها العديد من المسؤولين.قد تقع جميع البلدان في اخطاء دبلوماسية او قانونية او اعلامية و لكن الرأي المغربي العام لاحظ في الآونة الأخيرة شح و قلة المبادرات الدبلوماسية للدفاع عن وحدتنا الترابية و كثرة ردود الفعل و نقص في التعبئة الجماهيرية، فالإقالات لا تحل المشكل، فالذي يحل المشكل هو اعادة الاعتبار الى النخبة المغربية المهتمة و المعنية بالشؤون الخارجية للمغرب و تكليفها ببناء منظور و مشروع دبلوماسي حداثي يواكب الانتقال الديمقراطي الذي يقوده الملك محمد السادس. كما ينبغي تفعيل المجتمع المدني المغربي في الداخل و الخارج لمواجهة خصوم وحدة الترابية. ان الشعب المغربي هو شعب الجبارين، قادر على خلق المعجزات و مواجهة كل حصار و كل هيمنة و لا يركعه إلا الله الواحد القهار. فالمراجعة ضرورية بدون تصفية حسابات او شخصنة الملفات.

ذ.عبد الرحمن مكاوي ، أستاذ العلاقات الدولية/جامعة الحسن الثاني و خبير في الشؤون العسكرية و الإستراتيجية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire